ميزتان اساسيتان طبعتا سلوك الانسان القديم مع المرض وطريقة علاجه، الاولى اعتبار الشعوب التي عاشت قبل آلاف من السنين وولادة السيد المسيح وقبل ان يعمل بمضامين الاديان السماوية الثلاث، ان المرض هو لعنة من الآلهة التي كانوا يعبدونها وهو يصيب من تحل عليه اللعنة كعقاب له على افعاله وممارساته.
الميزة الثانية هي حصرهم علاج المرض بالكهنة وبالتعاويذ والسحر والشعوذة لكونهم يعتقدون انها عقاب ولعنة آلهية.
وتختلف تجربة كل شعب من الشعوب التي عاشت قبل ولادة السيد المسيح وفق للحضارة التي عاصرتها لكنها اشتركت في مبدأ آخر وهو البحث دائما عن وسيلة لاسكات الالم. فالالم شعور محسوس وبوتيرة متزايدة لا يمكن اسكاته الا بالتعرف على مكمنه ومعالجته. فالقدامي اكتشفوا بالغريزة والحاجة مبادىء الطب الحديث الذي نعرفه اليوم. من معرفة الالم وادراكه ولو نسبت اسبابه الى المس او اللعنة الشيطانية او الاوثان التي سموها آلهة.
ومع مرور الوقت لجأ القدامى الى تكرار التجارب لمداواة الامراض فاكتشفوا الادوية المستخرجة من النبات والحيوان، واستغلوا كل مقدرات الطبيعة من عسل وفاكهة وخضار وزرع وجعلوها جزء من دوائهم وماكلهم ومشربهم.
وعدا عن السحر والشعوذة والخرافات في تشخيص المرض ومعالجته كان لكل شعب وحضارة قديمة اكتشاف وميزة واختراع واسلوب طبع المنتمين عليه. ومع مرور السنين تناقلت الشعوب عن بعضها خبراتها وتبادلتها في مراحل لاحقة بالاكراه عبر احتلال دولة لاخرى او شعب لشعب او عبر الاسفار والتجارة وهكذا تناقلت الاجيال والحضارات اساليب التشخيص والتطبيب والاكتشافات الى ان وصلنا الى هذه المرحلة المتقدمة.