ليس مبالغة القول ان مهنة الطب ومهنة الجزارة، هما مهنتان متشابهتان لدى البعض في لبنان والعالم العربي وفي بلدان العالم الثالث. وهو المصطلح الذي يقذفنا به اناس اخذوا العلوم والمبادىء من قدامى البشر كالفراعنة والهنود والصينيين والرومان واليونانيين والمسلمين، وطوروها الى درجة انهم برعوا وابدعوا خلال العقود الماضية والحالية وسيبدعون في الاعوام المقبلة طالما اننا امة نتقدم في العمر فقط: نجوع وناكل ونشرب.
ان تشبيه مهنة الطب بالجزارة ومقارنة الجراح بالقصاب ليس من باب الاساءة لاي من المهنتين، وليس استخفاف او تحقير بأي منهما ولكن لتسليط الضوء على ما يجري من باب رفع الصوت والمرارة والالم والبكاء والضحك في وقت واحد!
فكما نرى سياسيا فاسدا او تاجرا غشاشا وطماعا او حرفي متحذلق وساع الى الربح السريع نرى طبيبا فاسدا ونهما الى المال وتحصيله بأي وسيلة كانت ولو كانت على حساب ارواح وحياة الناس.
فالطبيب الذي يفني زهرة شبابه في نهل العلوم وسهر الليالي ويدفع الاموال الطائلة للتخصص والدراسة، يقسم بشرفه ان يقوم بمهنته بشرف ونبل وصدق وشفافية ويحافظ على صحة وحياة واسرار المريض، وان يكون البدل المادي اخر هذه المزايا وهي طبعا حق مقدس له ومقونن ومشروع وطبيعي وبديهي.
فكما هناك عشرات ومئات وآلاف الاطباء الجيدين والماهرين والصادقين واصحاب الشرف والمبادىء، هناك حفنة من الاطباء الفاسدين والطماعين، الذين يتآمرون مع شركات ادوية او مختبرات او مستشفيات للترويج لنوع معين من اصناف الدواء ولتسويق اسماء اطباء وتوجيه المرضى نحو مختبرات ومستشفيات محددة وكله طمعا بالنسبة او العمولة. وهناك ايضا اطباء وجراحون يجرون عمليات لمرضى لا حاجة او داع لها، وبعضهم يشترط الاتعاب الاضافية وغير المشروعة لهم وغيرها من وسائل النصب والاحتيال. فهنا يصبح هذا المنتحل صفة الطب والمتخلي عن قسمه كالقصاب او الجزار الذي يبيع اللحم الفاسد او المغشوش للناس غير آبه بصحتهم وحياتهم، بينما عليه ان يكون صادقا وامينا فيما يطعم الناس من لحم حلال وطازج. فحاذروا يا احبتي من هؤلاء فكلهم وجوه ضحلة لعملة ضحلة وفاسدة واحدة